top of page

لادان عثمان.. لا أخفي هويتي


كيف أثرت خلفيتك على أعمالك الإبداعية؟

أبي وأمي من مقديشو بالصومال. ولدت هناك، ونشأت في ولاية "أوهايو"؛ في حي مأهول بالصوماليين والقادمين من شرق أفريقيا. وهناك العديد من العناصر التي تسربت إلى أعمالي، إلا أن أقواها هو الحكايات الرمزية التي كان أبواي يقصانها عليَ، وينتقلان من لغة إلى أخرى، ويستخدمان الكناية. كان أبي يشير إلى صورة مُركبة ويقول لي انظري هذه استعارة، وهذه كناية، ولا يُفسر أكثر من هذا. كما كان يتحدث أكثر من لغة إلى جانب اللغة الانجليزية، إلا أنه كان يشعر بالارتياح حين يتحدث لنا باللغة الصومالية معنا، وهو ما جعلني أهتم باللغة على نحو خاص. أحياناً تحدثني أمي عن شيء طبيعي للغاية، مثل ما كانت تفعله ذات يوم، ثم تتذكر أشياء أخرى وأشخاص آخرون من أزمنة مُختلفة، وتقرر استخدام لغة رمزية للتعبير عن الأحداث والوقائع. يدخل أبي وأمي في حوارات تشبه المسرحيات، أتستمتع وأنا أنصت إليهما، وأنقل ما يطرحان من خبرات في قصائدي.

معنى هذا أنك مُرتبطة بالصومال، ولكن باعتبارها وطن ثانٍ، كيف تعبرين عن ذلك في قصائدك؟

هناك حالة من السيولة فيما يتعلق بهويتي. وهناك الكثير من الأسئلة التي أطرحها على نفسي، أو يطرحها غيري عليّ؛ بشأن ولائي ولأي بلد أنتمي. لقد تعلمت ونضجت وأحببت في الولايات المتحدة، إلا أن ذاكرتي تستدعي أماكن لم أذهب إليها منذ الطفولة الأولى. هناك حالة من التفكير تظهر في قصائدي. كما أحاول تحديد هوية القصيدة ولمن أكتبها، ولماذا أكتبها. تلك أسئلة جوهرية، ولا تنسحب على الشعر فقط، بل على فكرة الوطن كذلك.

ما هي أهم الأفكار التي تناقشها قصائدك؟

أنا أشير إلى جسد المرأة وهو يُبحر في فضاءات عامة وخاصة. أتحدث عن السيدات التي يعشقن العمل المنزلي. لقد رايت هذا في طفولتي. رايت نساء لا يغادرن المنزل تقريباً، ونساء يقفن أمام العجين حتى يختمر، وهن يشعرن بالسعادة. أكتب كذلك عن احتقار المرأة واعتبارها مخلوقاً من الدرجة الثانية. جميع الثاقافات تمارس تميزياً بدرجة متفاوتة ضد المرأة، وتفرض الحدود على قدراتها. تحاول قصائدي فحص الحدود المفروضة على الفضاء الذي تتحرك فيه المرأة، والحدود المفروضة على خيالها، والحدود المفروضة على عملها، بل وحتى طبيعة وجودها.

تنم قصائدك عن اهتمام باللغة، من أين جاء هذا الاهتمام؟

في قصيدتي "مُشكلة"، أتناول الأخطاء اللغوية، أو التعبيرات النمطية التي واجهتني عبر الزمن. لقد جمعت عبارات على مدار عامين. لقد تعلمت اللغة الانجليزية كلغة ثانية، وهو ما منحني اهتمام باللغة ويقظة في التعامل معها. يسحرني قدرة الناس على الإيمان بقوة الكلمات، واستعراض هذا الإيمان في المُمارسات اليومية.

لقد كتبت عن تجربتك في مدينة شيكاغو، ما هي الانطباعات التي دفعتك إلى الكتابة عنها؟

اكتشفت صعوبة الحياة في شيكاغو بعد وقت قصير.. المدينة تتكون من جيوب عرقية معزولة عن بعضها البعض، وفكرة الانتماء هناك تكون للمنطقة السكنية وليس للمدينة حتى. لم أقابل هذا النمط من قبل في أي مدينة زرتها، بل شعرت بصعوبة التجول في المدينة، وانتابني شعور بالاغتراب، باعتباري سيدة سوداء.

بمن تأثرت من الشعراء؟ وما هو تأثيرهم؟

لقد تأثرت بكل من "كوام دوز"، و"ماثيو شنودة" على نحو خاص. أنهما مثلي الأعلى في الفن والحياة. يتسمان بالجدية والانغماس في العمل، وإن كنت أشعر أنهما لا يهتمان بالأشياء الدنيوية. وأحرص على مراقبة ما يقومان به من اختيارات، وأتعلم منهما. ومن جانبهما، يمنحاني إحساساً بالأبوة، ويقدمان لي النصح حتى وإن لم أطلبه.

كيف كانت سلسلة كتاب الشعر الأفريقي مُفيدة لك؟ وهل تشعرين بالضيق لتصنيفك باعتبارك "شاعرة أفريقية"؟

أشعر بالامتنان لأن أشعاري ظهرت بين أعمال العديد من المبدعين الأفارقة، وأن أشارك في مبادرة لا تهتم فقط بتسجيل الأعمال الإبداعية وإتاحتها، بل تحرص أيضاً على النشر لأصوات مُختلفة. أنا سعيدة بكوني جزء من الحركة، كما أشعر بالفخر لأنني من بين المجموعة الأولى. أما عن اعتباري شاعرة أفريقية، فلا مجال لإخفاء الهوية. حين أجتهد وأبذل قصارى جهدي في كتابة قصيدة، فلن تكون هويتي موضع سؤال، بل ستدور الأسئلة حول القصيدة. كما أن اعتباري من بين الشعراء الأفارقة، ليس نوعاً من التنميط أو التصنيف، بل هو إشارة إلى أنني أقوم بواجبي مع مجموعة من الزملاء.

لماذا يسيطر الحزن والألم والخوف على الكثير من قصائدك؟

أفكر على الدوام في الخوف البدائي، الخوف من تجاوز مرحلة الطفولة، والبُعد عن الأبوين؛ البُعد المادي، والبُعد العاطفي. ما هو شعورنا يحن يصمت الأباء، ولا يستطيعون إخبارنا بالمزيد من القصص عن حياتهم وعن عالمهم. هذا التفكير في الخوف يُغير منطق القصيدة. أستدعي لحظات مرض أبي، وتفكيري في فقدان صوته وعدم قدرته على قص المزيد من الحكايات، ثم أفكر في العجز البشري، وأتصور ابني وهو يراقب لحظات عجزي.

Featured Posts
Recent Posts
Search By Tags
No tags yet.
Follow Us
  • Facebook Classic
  • Twitter Classic
  • Google Classic
bottom of page