top of page

إيزابيل الليندي.. البوح لا يُضعف الإنسان، ولكنها الأسرار


نشرت بجريدة الأخبار 20 سبتمبر 2015

إيزابيل الليندي واحدة من أشهر كاتبات أمريكا اللاتينية والعالم، فازت بعد من الجوائز الأدبية الرفيعة، أحد السماء البارزة على قوائم المُرشحين لجائزة نوبل. ترجمت أعمالها إلى أكثر من ثلاثين لغة، من بينها اللغة العربية. ولدت في أغسطس عام 1942، وتعمل صحفية، إلى جانب كونها مُدافعة بارزة عن حقوق المرأة. من أشهر أعمالها: "بولا"، و"صور عتيقة"، و"بيت الأرواح". تعرضت لتجربة قاسية في عام 1993؛ حين ماتت ابنتها الشابة "بولا"، وبدأت تكتب ذكرياتها لتواجه بها أزمة الفقد.. وهذا جزء من حوار معها حول كتابة المُذكرات.

لماذا كتبت المُذكرات، وماذا كانت دوافعك؟

شعرت بالارتباك والإحباط والغضب بعد موت ابنتي "بولا". وكنت أدرك أن الكتابة هي الطريقة الوحيدة لمُغالبة الحزن، وبهذا بدأت كتابة المُذكرات. وبعد أن أطلعت عدداً من أفراد العائلة على المخطوطة، ومن بينهم زوج "بولا"، قررنا نشرها لأنها قد تساعد آخرين حين يمرون بتجربة الفقد. ومع ذلك، لم أتخيل أن تحظى بهذا القبول المُذهل من القراء. ما زلت أتلقى خطابات من أشخاص تأثروا بقصة ابنتي. أتمنى أن يفتح الكتاب مساحة لانطلاق الحزن، ومُشاركة المشاعر والتجارب مع الآخرين، واستيعاب فكرة الفقد؛ فقد كل شيء، وأي شيء في هذا العالم. علينا تقبل الفقد واعتباره منطقياً.

كيف تغير كتابة المذكرات الكتاب نفسه؟

تجبرني المُذكرات على التوقف والتذكر. حين أكتب، أتأمل نفسي، وحياتي، ومن أحببتهم بوضوح شديد، وكأن خلف ستارة سوداء. المشاعر أهم من الحقائق في المُذكرات، ويجب كتابتها بصدق، لذلك أواجه مخاوفي. مع كل كتاب، أتعلم المزيد عن نفسي. وأرى انعكاساً لذاتي، وهو ما يجعلني أفترض أنني أصير أفضل على المستوى الإنساني والإبداعي بعد كل كتاب، أو هذا ما أصبو إليه.

هل تحتاجين إلى شجاعة من أجل كتابة قصتك الشخصية بعمق، وهل هي شجاعة فطرية لدى النساء؟

تحتاج كتابة المُذكرات فعلاً إلى شجاعة، ولكنها في حالتي تحتاج إلى الكتابة والمراجعة والتحرير أكثر من الشجاعة. لدي رغبة قوية في الإفصاح عن كل شيء، حتى الأسرار التي أخفيها عن نفسي، لذلك أعتبر تحرير النص أكثر أهمية. أنا على استعداد تام إلى فتح قلبي، والبوح بمكنون صدري، وسرد تفاصيل حياتي لأنني أؤمن أن ما يجعلنا ضعفاء هو الأسرار التي نخفيها، وليس ما نبوح به. حياتي لا تختلف عن حياة غيري من الناس، ولم أرتكب جريمة أو أقترف خطيئة لا يمكنني الإفصاح عنها. لا يعني هذا أنني صفيقة، ولكنني أعي مقدار المُشترك بين البشر. يبدو تشارك القصص والحكايات أمراً طبيعياً بالنسبة لي.

هل كتابة المُذكرات فعل سياسي؟

إنها مجرد دعوة من أجل التعرف على الحياة الخاصة لشخص آخر.

هل هناك فارق في رأيك بين مذكرات الرجال ومذكرات النساء؟

أفضل قراءة مُذكرات النساء، لأنها أكثر صدقاً وروحانية، وأرتبط بها أسرع، وأتعلم منها. مُذكرات الرجال تقدم إجابات، بينما تطرح مذكرات النساء الأسئلة. يحرص معظم كتاب المذكرات من الرجال على أن تخرج صورتهم بشكل جيد، ويخاطبون الأجيال القادمة، بينما تهتم النساء بالتواصل مع الآخرين هنا والآن.

بدأت عملك كصحفية، ثم روائية، ثم كاتبة مُذكرات. وتنقلين إلينا قصصاً عن نساء يتسمن بالشجاعة، أهذه هي الرسالة التي تسعين إلى توصيلها من خلال أعمالك؟

لم أحاول أبداً توصيل رسالة. ما أبغيه هو سرد القصة. لا أعلم لماذا القصة على وجه الخصوص؟ لا أعلم. ولكني تعلمت أن أستسلم للإلهام حين يأتي. تستحوذ عليّ فكرة أو قصة كاملة، تسكنني لمدة أعوام، ثم أكتبها في النهاية. توقفت عن سؤال نفسي عن السبب، ولكني على قناعة من أنني أستكشف روحي وذاتي وذكرياتي مع كل كتاب جديد. بالطبع هناك أشياء تثير اهتمامي بقوة مثل النساء اللاتي يتسمن بالصلابة، والأمهات، والحب، والعُنف، والموت، والفقد، والحزن، والصداقة، والولاء، والعدالة، والفداء. تبدو هذه الأفكار مُتكررة في كتاباتي، وفي حياتي. أشعر بالحرية حين أكتب الروايات، إلا أن مُذكراتي لها تأثير أقوى على القراء. أحياناً تكون الرسالة أقوى في هذا الشكل، رغم أنني لا أهدف إلى تقديم رسالة.

ما هو الفارق بين المُذكرات والصحافة، وهل يمكن للمُذكرات تحقيق نفس الأثر في إحداث التغيير؟

الصحافة يجب أن تكون موضوعية ومُحايدة قدر الإمكان. يجب ألا تكون شخصية أو حميمية. وغالباً ما يتقيد الصحفي بشروط المؤسسة التي يعمل بها؛ وإن لم يكن هناك رقابة مُباشرة، فعليه اتباع مجموعة من الإرشادات. كما أن الصحفي يتوجه إلى القارئ العادي، بينما في الروايات والمُذكرات، يتوجه الكاتب إلى قارئ أكثر تذوقاً، هذا إلى جانب أن حياة الكتاب أطول، وتأثيره أكثر عُمقاً.

Featured Posts
Recent Posts
Search By Tags
No tags yet.
Follow Us
  • Facebook Classic
  • Twitter Classic
  • Google Classic
bottom of page