top of page

كارولينا دي سوسا موزمبيق من يستطيع حبس الجموع في قفص

  • ترجمة نصر عبد الرحمن
  • Aug 29, 2015
  • 3 min read

ولدت "كارولينا دي سوسا" في موزمبيق عام 1926، لأب من أصول هندية أفريقية، وأم من أصول ألمانية. تعلمت القراءة والكتابة وهي في الرابعة من عمرها. وبعد موت والدها، سافرت مع عائلتها إلى البرازيل، والتحقت بالمدارس والجامعة هناك. انتقلت إلى البرتغال وهي الخامسة والعشرين من عمرها، وعاشت بها عدة سنوات، عملت خلالها بالصحافة، ثم عادت إلى موزمبيق مرة أخرى في بداية الخمسينيات، وتعمل في الصحافة، وأصبحت قضيتها الأولى هي مُناهضة احتلال بلدها. وبعد عدة سنوات، تم نفيها إلى باريس. لم تتوقف عن مشروعها النضالي، وواصلت الكتابة من باريس ونشر أعمالها تحت اسم مُستعار. من أشهر أعمالها ديوان بعنوان "إن كنت تريد أن تعرفني"، وديوان آخر بعنوان "أمي أفريقيا"، وديوان ثالث بعنوان "الدم الأسود"؛

كانت تكتب باللغة البرتغالية، وكانت الصحفاة هي عملها الساسي، وشغلت عدة مناصب صحفية في صحف ومجلات في البرتغال والبرازيل، كما عملت مترجمة في الفترة من 1951، إلى 1964. لم تعرف الاستقرار في مكان واحد، وتنقلت بين عدة بلدان، إلا أنها كرست قلمها وحياتها دفاعاً عن قض

ايا القارة الأفريقية ووطنها موزمبيق، وقضايا المرأة الأفريقية حتى لحظة وفاتها في ديسمبر 2002. تحتفي قصائدها بالثقافة الأفريقية وتاريخ بلادها. كما استخدمت قصائدها في معركة قوية وصفت فيها عن معاناة عمال موزمبيق الذين يعملون في ظروف عمل قاسية بمناجم الذهب في جنوب أفريقيا. وكان لتلك المعركة نتائج إيجابية في تحسين ظروف العمال.

كارولينا دي سوسا صاحبة تاريخ طويل في النضال، لقد عاشت حقبة السيتينيات بكل ما شهدته من حركات تحرر ومد ثوري، ومعارك وحركات مسلحة، ودماء ومجد. إنها ابنة الأمل الذي اجتاح أفريقيا ذات مرة؛ في الماضي. أمل في عالم أفضل، في عالم بلا قمع أو ظلم أو استغلال. حلم ضحى ملايين الأفارقة بأرواحهم من أجل تحقيقه. إنها تكتبت بهذه الروح، وتحارب بالكلمات في المقالات والقصائد على السواء.

ثم عاشت "كارولينا دي سوسا" لحظات الإحباط وخيبة الأمل، ووقفت مثل "سيزيف" ترى الصخرة تهوي نحو السفح، وحلم التحرر يتحطم على صخرة الانتهازية والنزعات القبلية، والجشع البشري. إلا أنها لم تستسلم، وتحولت معركتها من النضال ضد المُستعمر، إلى النضال ضد الحاكم المُستبد، والمجتمع المُستبد الذي اتجه إلى نهش الجزء الأضعف فيه، المرأة.

في واحدة من قصائدها الشهيرة: "إن كنت تريد أن تعرفني"، تقدم نفسها إلى العالم باعتبارها أفريقيا، التي مزقها تجار العبيد والمرتزقة ولصوص الشعوب.. أفريقيا التي تمزق جسدها من الرأس إلى القدم تحت ضربات السياط.. أفريقيا أرض القبائل المبدعة التي نحتت الأجحار، وصنعت التمائم والقلائد والأقنعة الخشبية مزقتها الحروب.. أفريقيا عرق العمال، والرقصات المحمومة ودقات الطبول والأناشيد الحزينة. وبعد أن تحدد هويتها، تذكر غايتها، وهي التضحية من أجل حرية هذه القارة.

وفي قصيدة استغلال، تتناول "كارولينا" وضع المراة الأفريقية بعد حروب التحرير. تطالب فيها بالمساواة وتحشد المنطق دفاعاً عن قضيتها. كما ترسم المرارة التي انتابت النساء بعد أن ناضلن وحملن السلاح في الحرب ضد القمع والاستغلال، ثم واجهن استغلالاً ذكورياً واجتماعياً جديداً بعد رحيل المُستعمر. وترى أن استبعاد المرأة هو خلل يجعل المجتمع "أعرج"، ولن يمكن من التقدم نحو المُستقبل، وهي رؤية كاشفة في حينها، وها نحن نرى نتائجها الآن.

تكتب "كارولينا" بلغة قوية حماسية، دقيقة، شديدة الدلالة، وتحمل طاقة تعبيرية هائلة. كما أن لديها قدرة عبقرية في رسم الصورة الشعرية، وتعتمد بقوة على أسلوب "المُجاورة" في حشد الصور والأفكار، والانتقال من مشهد إلى آخر. كما تحيل في قصائدها إلى مفردات الثقافة الشعبية الأفريقية، من رقص وغناء ونحت، في مزج عبقري يشف روح القارة، وغالباً ما يحمل السطر الشعري الأخير في قصائدها مُفارقة كبيرة، جامعة مانعة، تتم القصيدة أو يحمل رسالتها. يعتبر النقاد مجمل أعمال "كارولينا" الشعرية صرخات من أجل الحرية، وكثيراً ما يتم الاستشهاد ببيت شعري اختتمت به قصيدة لها: "من يستطيع حبس الجموع في قفص!".

 
 
 

Comments


Featured Posts
Recent Posts
Search By Tags
Follow Us
  • Facebook Classic
  • Twitter Classic
  • Google Classic

FOLLOW ME

  • Facebook Classic
  • Twitter Classic
  • c-youtube

© 2023 by Samanta Jonse. Proudly created with Wix.com

bottom of page